لاعــب بيهم لعب
كان جميل منه أن يبتسم لي في حنان كلما ذهبت له مستفسرة عن دروس معينة لم أكن أقوي علي إستعابها .. لم يضيق بي يوما وبتساؤلاتي .. هادئ الطبع دوما .. تترقبني نظراته الدافئة في كل حركاتي وسكناتي ...
كنا نمضي وقتا طويلا ، ولم يكن بداخلي سوي شعور بأنه أخ عزيز وهبني الله إياه تعويضا لي عن كوني وحيدة والديا .. ولكن الامر كان يختلف بالنسبة إليه .. ولكنني لم أشعر يوما بما يكن لي من مشاعر ..ولم يعلن لي عن شعوره بي .. كانت مخاوفه من رد فعلي يمنعه .. خاف ان أحرمه من وجودي الي جواره ..
وانتهت دراستي ، ولم يعد يجمعنا سوي الصدفة حين أكون أنا خارجة من المنزل وهو عائدا من عمله .. كنت ألقي السلام عليه وأمر سريعا ؛ بينما يظل هو في مكانه يتأملني حتي أختفي تماما من الشارع ...
حاول مترددا ان يكشف لي عن مشاعره إلا انني لم أكن أعطيه فرصة في إكمال حديثه معي .. كنت دوما أبتسم قائلة " معلش أنا أتأخرت .. أشوفك مرة تانية " والقي عليه الوداع وأمر سريعا ؛ بينما هو يمكث في وضعه ثابتا ، وبعد زلك يلملم مشاعره ويرحل الي ابعد مكان حيث ينفرد بحبه ..
وهكزا مرت الايام حتي تقدم لي ابن عمتي وتمت الخطوبة ، ولم يمض سوي يومان عن اعلان خطوبتي حتي علمت انه نقل الي المستشفي إثر صدمة عصبية ..
وذهبت لزيارته من باب الواجب .. وحين دخلت الي حجرته حيث لا أحد يمكث سواه ومشاعره المجروحة يعزي كل منهما الاخر .. فكان يبكي وهويعترف بصوت مزبوح بحبي ، ولكن غيبوبته منعته من أن يعرف بأني هنا إلي جواره أسمعه .. وأبكي لجحودي وشعوري المجرد من الادراك والاحساس ..
ومضيت وقتا طويلا الي جواره أسمعه يتأوه باسمي ويتألم باسمي ويبكي باسمي
وينادي باسمي كل الامال .. عدت الي المنزل ولم يكن لدي شعور سوي التعب
والاجهاد الشديد .. صدمة عارمة أصابت نفسي .. كان كل شئ يصرخ بحبي طيلة كل هزه السنوات ولم أشعر ، كيف ؟
ومر الليل بصعوبة حتي جاء ضوء النهار يزيح ستار الظلمة ويضع في نفسي السكينة .. وبعد مرور يومان توجهت الي المستشفي .. دخلت حجرته .. وجدته علي سريره شاردا .. لم يشعر بوجودي حتي طرقت الباب .. فوجئ بي .. وابتسم ابتسامته الحنونة التي طالما قابلني بها .. هادئ الطبع دوما .. تترقبني نظراته الحميمة في كل حركاتي وسكناتي ..