Friday, July 14, 2006

سيمون دي بوفوار.. الزمن الموت
الحياة هبة، فهي الصيرورة والضوء الباهر، وتكون ذروة الجمال، وهي تمتد حيث خلود أبدي، وحركتها وإن بدت سريعة متصلة، فهي متأنية ازاء حركة الزمن السريعة والمتصلة بشكل متوحش، الزمن غير مستقر عبر أفق مرئي؛ انه حركة سريعة غير مرئية، انتقال يجري بين تلافيف الغياب، يتدفق بسرعة مجنونة، عبر منعطفات اللامرئي، لكننا نستشعره بتقادم الاعوام والاشهر والايام، ندرك حقيقة الصامت الثقيل، بتصدع الاشياء النضرة، باستلاب قدحاتها الوهاجة، بإنطفاء بريقها، بانكماش دوامات الضوء الى سورات رمادية مفزعة، بانحسار المسرات في الشرفات الساهرة، ويشملنا هذا المسح القاسي المفزع، نحن البشر، عند أقصى نقطة من بركان الزمن المتفجر. وفي أفق الفن، نقلت شخصيات، (وليم فوكنر) و(فرجينيا وولف) و(مارسيل بروست) و(جيمس جويس) و(سيمون دي بوفوار) هذه المفهومية لحركة الزمن المختلفة، المتضادة سلبا وبهجة الحياة، هبة الكائن الحي القادحة بالجمال. وحين تُسأل الروائية الكبيرة، سيمون دي بوفوار: عن مدى تأثرها بـ(جويس) أو (فوكنر) حول اثارة مشكلة الزمن في حياة الانسان، عبر اعمال روائية متميزة بين أعمالها الروائية الكبيرة، مثل (دم الآخرين) و(كل الرجال يموتون)، تقول سيمون دي بوفوار: "هذا تحت تأثير تجربتي الشخصية، فأنا أحس احساسا عميقا بتقادم الزمن، وكثيراً ما أحسّ انني تقدمت في السن، وحتى وأنا في الثانية عشرة كنت أخشى ان اصبح في الثلاثين، وانني سأفقد شيئاً ما، ولذلك كنت أبحث دائما من شيء أكتبه، وقد أثمرت بعض سنوات حياتي، ولكني لم اتخلص من القلق الدائم، من ذلك الاحساس، بأن الزمن يمر، والموت يقترب!". فأحساس الروائية الفرنسية الكبيرة، سيمون دي بوفوار، يتمثل في تفصيلات عميقة، ان الزمن يمتزج بالموت، وان الكائن البشري يقترب منه لا محالة، ومن هنا يتأتى الاحساس العميق الدامي، بهذه الهزيمة المرعبة، وتحديداً من عمق هذا الخاطر الملح، من ان شيئاً سوف ينكسر، وان الحب سوف ينفرط، وتقول دي بوفوار: "... وهذا لم اتصوره سابقاً حين كنت في أفق الصبا. فقد تصورت الحياة والآمال على النحو الذي تخيله كل المتفائلين والمثقفين من البرجوازيين". ان هذا الخاطر، أو الهاجس الجميل، انعكس بعد ذلك الى التضاد، نقلته شخصيات سيمون دي بوفوار، في أعمالها الروائية اللاحقة، فبتقادم الزمن ينفرط الحب وينطفئ بريق الاشياء، وتنسكب أمام الكائن البشري، عند أقصى نقطة من زحف الزمن المضجر، الوحشة الرمادية القاتلة التي تجره أخيراً، حيث النهاية الفاجعة؛ الموت. ويقول مالارميه: "ليس هنالك من شيء يبقى غير عطر الحزن الذي يبقى في الفؤاد". اذن يظل عطر الحزن وحسب، يحرقنا في القلب والكيان البشري، يذيبها، خاصة اذا كانت هنالك رغبات كبيرة لم تتحقق، لقصر مساحة الحياة. وبرزت، كذلك شخصيات (جيمس جويس) و(وليم فوكنر) و(فرجينيا وولف) عبر هذا المنطلق، مؤشرة زوال الحياة، وانبثاق دوامة الزمن الرمادية، ولم تتحقق رغبات الانسان الكبيرة المبهرة، وان كان هنالك حب قد تحقق، فقد غشته تلك الغشاوة العنكبوتية الصامتة، لينبثق من هنا (عطر الحزن) سورة دائمة الهطول. ان اثارة مشكلة الزمن في حياة الانسان، كان بتأثير تجربة دي بوفوار الشخصية واحساسها العميق بكل تفصيلات الحياة المندهشة التي عاشتها، بدءاً من طفولتها مروراً بمرحلة الصبا ثم الشباب، حتى اللقاء العظيم بـ(سارتر)، فتميزت هذه الاشكالية المثيرة للزمن في حياة الكائن البشري عبر اعمال روائية كبيرة، أهمها (المدعوة) و(دم الآخرين) و(كل الرجال يموتون) ولم تكن متأثرة بـ(وليام فوكنر) أو (جيمس جويس)، اذ لهذين الروائيين العظيمين، تجربتهما الحياتية والشخصية الحافلة بالاحداث الاجتماعية والسياسية والدينية، وكان لها أثرها العميق في ابداعها الروائي وفي خلق شخوصها التي اثارت ذلك المنحى البشري والكوني الذي مفاده مشكلة الزمن
عبد الصمد حسن .
حين يغيب القمر


أتجول في الشوارع كل ليل ، أبحث عن تلك التائهة قصدا عني ، لا اجد أحدا ًَ سوي شحات يكسر خبز يومه الي قطعِِ صغيرة ، ويحاول ان يبلع مرارة الذل ، لكنه لا يستطيع فيبتلع الخبز صبراًًََ عن أيامه اللا معني واللا وجود .... يصمت صوت فمه وهو يبتلع الخبز ويعلو صوت ظلام الليل علي كل شئ .... أحبس أنفاسي شيئا فشئ ... أحاول أن اتنفس ببطء .. ثم أعود لابحث عن تلك التي ضاعت مني منذ ولادتها ..
أفشل كما كنت دوما .. فأعود للبيت مهزومة .. مضطرة إلي أن أعيش تلك القصاصات الورقية الباقية من حياتي .. أتهم بكآبتي .. لكنني لا أبالي ، فالامر تعدي الكآبة ..وتعدي كل معني حزين .. كل معني يائس
تعدي حتي الظلام والشعور بالقتامة .